فصل: القراءات والوقوف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{يأمركم} بالاختلاس: أبو عمرو وكذلك كل فعل مستقبل مهموز من ذوات الراء.
{هزؤا} ساكنة الزاء مهموزة، حمزة وخلف وعباس والمفضل وإسماعيل. وقرأ حمزة مبدلة الواو من الهمزة في الوقف لمكان الخط، وقرأ حفض غير الخراز مثقلًا غير مهموز، الباقون: مثقلًا مهموزًا {جئت} وبابه بغير همزة: أبو عمرو ويزيد والأعشى وحمزة في الوقت {فأدارأتم} بغير همزة: أبو عمرو ويزيد والأعشى والأصفهاني عن ورش وحمزة في الوقف، {عما يعملون} بالياء التحتانية: ابن كثير.

.الوقوف:

{بقرة} ط {هزوًا} ط {الجاهلين} o نصف الجزء {ما هي} ط {ولا بكر} ط لأن التقدير هي عوان {بين ذلك} ط على تقدير قد تبين لكم {فافعلوا ما تؤمرون} o {ما لونها} ط {صفراء} لا إلى آخر الآية لأن الجملة صفة بعد صفة {الناظرين} o {ما هي} لا لأن التقدير فإن البقر أو لأن البقر إيلاء لعذر تكرار السؤال {علينا} ط {لمهتدون} o {الحرث} ج لأن قوله: {مسلمة} صفة بقرة أو خبر محذوف أي هي مسلمة {لا شية فيها} ط {جئت بالحق} ط لأن التقدير فطلبوها فوجدوها {فذبحوها} ط {يفعلون} o {فادارأتم فيها} ط {يكتمون} o ج للآية والفاء بعدها {ببعضها} ط لأن التقدير فضربوه فحيي فقيل لهم {كذلك يحيي الله الموتى} {تعقلون} o {قسوة} ط {الأنهار} ط {الماء} ط {خشية الله} ط لتفصيل دلائل القدرة {تعملون} o. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ موسى لِقَوْمِهِ إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً}:

.قال الفخر:

اعلم أن هذا هو النوع الثاني من التشديدات.
روي عن ابن عباس وسائر المفسرين أن رجلًا من بني إسرائيل قتل قريبًا لكي يرثه ثم رماه في مجمع الطريق ثم شكا ذلك إلى موسى عليه السلام فاجتهد موسى في تعرف القاتل، فلما لم يظهر قالوا له: سل لنا ربك حتى يبينه، فسأله فأوحى الله إليه: {إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً} فتعجبوا من ذلك ثم شددوا على أنفسهم بالاستفهام حالًا بعد حال واستقصوا في طلب الوصف فلما تعينت لم يجدوها بذلك النعت إلا عند إنسان معين ولم يبعها إلا بأضعاف ثمنها، فاشتروها وذبحوها وأمرهم موسى أن يأخذوا عضوًا منها فيضربوا به القتيل، ففعلوا فصار المقتول حيًا وسمي لهم قاتله وهو الذي ابتدأ بالشكاية فقتلوه قودًا. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَإِذْ قَالَ موسى لِقَوْمِهِ إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً} بيان نوع من مساويهم من غير تعديد النعم وصح العطف لأن ذكر النعم سابقًا كان مشتملًا على ذكر المساوي أيضًا من المخالفة للأنبياء والتكذيب لهم وغير ذلك، وقد يقال: هو على نمط ما تقدم، لأن الذبح نعمة دنيوية لرفعة التشاجر بين الفريقين، وأخروية لكونه معجزة لموسى عليه السلام.
وكأن مولانا الإمام الرازي خفي عليه ذلك فقال: إنه تعالى لما عدد وجوه إنعامه عليهم أولا ختم ذلك بشرح بعض ما وجه إليهم من التشديدات، وجعل النوع الثاني ما أشارت إليه هذه الآية وليس بالبعيد. اهـ.

.قال الفخر:

إن الإيلام والذبح حسن وإلا لما أمر الله به، ثم عندنا وجه الحسن فيه أنه تعالى مالك الملك فلا اعتراض لأحد عليه، وعند المعتزلة إنما يحسن لأجل الأعواض. اهـ.

.فائدة: في الواجب المخير:

قال الفخر:
إنه تعالى أمر بذبح بقرة من بقر الدنيا وهذا هو الواجب المخير فدل ذلك على صحة قولنا بالواجب المخير. اهـ.

.فصل: المقصود بالذبح في الآيات:

قال الفخر:
القائلون بالعموم اتفقوا على أن قوله تعالى: {إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً} معناه اذبحوا أي بقرة شئتم فهذه الصيغة تفيد هذا العموم، وقال منكروا العموم: إن هذا لا يدل على العموم واحتجوا عليه بوجوه: الأول: أن المفهوم من قول القائل اذبح بقرة.
يمكن تقسيمه إلى قسمين، فإنه يصح أن يقال: اذبح بقرة معينة من شأنها كيت وكيت ويصح أيضًا أن يقال اذبح بقرة أي بقرة شئت، فإذن المفهوم من قولك اذبح معنى مشترك بين هذين القسمين والمشترك بين القسمين لا يستلزم واحدًا منهما، فإذن قوله اذبحوا بقرة لا يستلزم معناه معنى قوله: اذبحوا بقرة، أي بقرة شئتم، فثبت أنه لا يفيد العموم لأنه لو أفاد العموم لكان قوله: اذبحوا بقرة أي بقرة شئتم تكريرًا ولكان قوله: اذبحوا بقرة معينة نقضًا، ولما لم يكن كذلك علمنا فساد هذا القول.
الثاني: أن قوله تعالى: اذبحوا بَقَرَةٌ كالنقيض لقولنا لا تذبحوا بقرة، وقولنا لا تذبحوا بقرة يفيد النفي العام فوجب أن يكون قولنا اذبحوا بقرة يرفع عموم النفي ويكفي في ارتفاع عموم النفي خصوص الثبوت على وجه واحد، فإذن قوله: اذبحوا بقرة يفيد الأمر بذبح بقرة واحدة فقط، أما الإطلاق في ذبح أي بقرة شاءوا فذلك لا حاجة إليه في ارتفاع ذلك النفي فوجب أن لا يكون مستفادًا من اللفظ، الثالث: أن قوله تعالى: {بَقَرَةٌ} لفظة مفردة منكرة والمفرد المنكر إنما يفيد فردًا معينًا في نفسه غير معين بحسب القول الدال عليه ولا يجوز أن يفيد فردًا أي فرد كان بدليل أنه إذا قال: رأيت رجلًا فإنه لا يفيد إلا ما ذكرناه فإذا ثبت أنه في الخبر كذلك وجب أن يكون في الأمر كذلك، واحتج القائلون بالعموم بأنه لو ذبح أي بقرة كانت فإنه يخرج عن العهدة فوجب أن يفيد العموم.
والجواب: أن هذا مصادرة على المطلوب الأول، فإن هذا إنما يثبت لو ثبت أن قوله: اذبح بقرة معناه اذبح أي بقرة شئت، وهذا هو عين المتنازع فيه.
فهذا هو الكلام في هذه المسألة.
إذا عرفت هذا فنقول: اختلف الناس في أن قوله تعالى: {اذبحوا بَقَرَةٌ} هل هو أمر بذبح بقرة معينة مبينة أو هو أمر بذبح بقرة أي بقرة كانت، فالذين يجوزون تأخير البيان عن وقت الخطاب قالوا: إنه كان أمرًا بذبح بقرة معينة ولكنها ما كانت مبينة، وقال المانعون منه: هو وإن كان أمرًا بذبح أي بقرة كانت إلا أن القوم لما سألوا تغير التكليف عند ذلك، وذلك لأن التكليف الأول كان كافيًا لو أطاعوا وكان التخيير في جنس البقر إذ ذاك هو الصلاح، فلما عصوا ولم يمتثلوا ورجعوا بالمسألة لم يمتنع تغير المصلحة وذلك معلوم في المشاهد، لأن المدبر لولده قد يأمره بالسهل اختيارًا، فإذا امتنع الولد منه فقد يرى المصلحة في أن يأمره بالصعب فكذا ههنا.
واحتج الفريق الأول بوجوه.
الأول: قوله تعالى: {ادع لَنَا رَبَّكَ يُبَيّنَ لَّنَا مَا هِيَ} و{مَا لَوْنُهَا} وقول الله تعالى: {إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأرض} منصرف إلى ما أمروا بذبحه من قبل وهذه الكنايات تدل على أن المأمور به ما كان ذبح بقرة أي بقرة كانت، بل كان المأمور به ذبح بقرة معينة.
الثاني: أن الصفات المذكورة في الجواب عن السؤال الثاني إما أن يقال: إنها صفات البقرة التي أمروا بذبحها أولًا أو صفات بقرة وجبت عليهم عند ذلك السؤال وانتسخ ما كان واجبًا عليهم قبل ذلك، والأول هو المطلوب، والثاني: يقتضي أن يقع الاكتفاء بالصفات المذكورة آخرًا، وأن لا يجب حصول الصفات المذكورة قبل ذلك، ولما أجمع المسلمون على أن تلك الصفات بأسرها كانت معتبرة علمنا فساد هذا القسم.
فإن قيل أما الكنايات فلا نسلم عودها إلى البقرة فلم لا يجوز أن يقال: إنها كنايات عن القصة والشأن، وهذه طريقة مشهورة عند العرب؟ قلنا: هذا باطل لوجوه:
أحدها: أن هذه الكنايات لو كانت عائدة إلى القصة والشأن لبقي ما بعد هذه الكنايات غير مفيد، لأنه لا فائدة في قوله: {بَقَرَةٌ صَفْرَاء} بل لابد من إضمار شيء آخر وذلك خلاف الأصل، أما إذا جعلنا الكنايات عائدة إلى المأمور به أولًا لم يلزم هذا المحذور.
وثانيها: أن الحكم برجوع الكناية إلى القصة والشأن خلاف الأصل، لأن الكناية يجب عودها إلى شيء جرى ذكره والقصة والشأن لم يجر ذكرهما فلا يجوز عود الكناية إليهما لكنا خالفنا هذا الدليل للضرورة في بعض المواضع فبقي ما عداه على الأصل.
وثالثها: أن الضمير في قوله: {مَا لَوْنُهَا وَمَا هِيَ} لا شك أنه عائد إلى البقرة المأمور بها فوجب أن يكون الضمير في قوله: {إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء} عائدًا إلى تلك البقرة وإلا لم يكن الجواب مطابقًا للسؤال.
الثالث: أنهم لو كانوا سائلين معاندين لم يكن في مقدار ما أمرهم به موسى ما يزيل الاحتمال لأن مقدار ما ذكره موسى أن تكون بقرة صفراء متوسطة في السن كاملة في القوة، وهذا القدر موضع للاحتمالات الكثيرة، فلما سكتوا هاهنا واكتفوا به علمنا أنهم ما كانوا معاندين.
واحتج الفريق الثاني بوجوه:
أحدها: أن قوله تعالى: {إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً} معناه يأمركم أن تذبحوا بقرة أي بقرة كانت، وذلك يقتضي العموم، وذلك يقتضي أن يكون اعتبار الصفة بعد ذلك تكليفًا جديدًا، وثانيها: لو كان المراد ذبح بقرة معينة لما استحقوا التعنيف على طلب البيان بل كانوا يستحقون المدح عليه، فلما عنفهم الله تعالى في قوله: {فافعلوا مَا تُؤْمَرونَ}، وفي قوله: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ} علمنا تقصيرهم في الإتيان بما أمروا به أولًا وذلك إنما يكون لو كان المأمور به أولًا ذبح بقرة معينة.
الثالث: ما روي عن ابن عباس أنه قال: لو ذبحوا أية بقرة أرادوا لأجزأت منهم لكنهم شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم.
ورابعها: أن الوقت الذي فيه أمروا بذبح البقرة كانوا محتاجين إلى ذبحها، فلو كان المأمور به ذبح بقرة معينة مع أن الله تعالى ما بينها لكان ذلك تأخيرًا للبيان عن وقت الحاجة وإنه غير جائز، والجواب: عن الأول ما بينا في أول المسألة أن قوله: {إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً} لا يدل على أن المأمور به ذبح بقرة، أي بقرة كانت، وعن الثاني: أن قوله تعالى: {وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ} ليس فيه دلالة على أنهم فرطوا في أول القصة وأنهم كادوا يفرطون بعد استكمال البيان، بل اللفظ محتمل لكل واحد منهما فنحمله على الأخير وهو أنهم لما وقفوا على تمام البيان توقفوا عند ذلك وما كادوا يفعلونه، وعن الثالث: أن هذه الرواية عن ابن عباس من باب الآحاد وبتقدير الصحة، فلا تصلح أن تكون معارضة لكتاب الله تعالى، وعن الرابع: أن تأخير البيان عن وقت الحاجة إنما يلزم أن لو دل الأمر على الفور وذلك عندنا ممنوع.
واعلم أنا إذا فرعنا على القول بأن المأمور به بقرة أي بقرة كانت، فلابد وأن نقول: التكاليف مغايرة فكلفوا في الأول: أي بقرة كانت، وثانيًا: أن تكون لا فارضًا ولا بكرًا بل عوانًا، فلما لم يفعلوا ذلك كلفوا أن تكون صفراء، فلما لم يفعلوا ذلك كلفوا أن تكون مع ذلك لا ذلولًا تثير الأرض ولا تسقي الحرث.
ثم اختلف القائلون بهذا المذهب، منهم من قال في التكليف الواقع أخيرًا يجب أن يكون مستوفيًا لكل صفة تقدمت حتى تكون البقرة مع الصفة الأخيرة لا فارض ولا بكر وصفراء فاقع، ومنهم من يقول: إنما يجب كونها بالصفة الأخيرة فقط، وهذا أشبه بظاهر الكلام إذا كان تكليفًا بعد تكليف وإن كان الأول أشبه بالروايات وبطريقة التشديد عليهم عند تردد الامتثال، وإذا ثبت أن البيان لا يتأخر فلابد من كونه تكليفًا بعد تكليف، وذلك يدل على أن الأسهل قدينسخ بالأشق ويدل على جواز النسخ قبل الفعل ولكنه لا يدل على جواز النسخ قبل وقت الفعل، ويدل على وقوع النسخ في شرع موسى عليه السلام، وله أيضًا تعلق بمسألة أن الزيادة على النسخ هل هو نسخ أم لا، ويدل على حسن وقوع التكليف ثانيًا لمن عصى ولم يفعل ما كلف أولًا. اهـ.

.قال الألوسي:

وأول القصة: قوله تعالى: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فادرأتم فِيهَا} [البقرة: 2 7] الخ، وكان الظاهر أن يقال قال موسى إذ قتل قتيل تنوزع في قاتله إن الله يأمر بذبح بقرة هي كذا وكذا، وأن يضرب ببعضها ذلك القتيل ويخبر بقاتله فيكون كيت وكيت إلا أنه فك بعضها وقدم لاستقلاله بنوع من مساويهم التي قصد نعيها عليهم، وهو الاستهزاء بالأمر والاستقصاء في السؤال، وترك المسارعة إلى الامتثال، ولو أجرى على النظم لكانت قصة واحدة، ولذهبت تثنية التقريع، وقد وقع في النظم من فك التركيب والترتيب ما يضاهيه في بعض القصص، وهو من المقلوب المقبول لتضمنه نكتًا وفوائد، وقيل: إنه يجوز أن يكون ترتيب نزولها على موسى عليه السلام على حسب تلاوتها بأن يأمرهم الله تعالى بذبح البقرة ثم يقع القتل فيؤمروا بضرب بعضها لكن المشهور خلافه والقصة أنه عمد إخوان من بني إسرائيل إلى ابن عم لهما أخي أبيهما فقتلاه ليرثا ماله وطرحاه على باب محلهم ثم جاءا يطلبان بدمه فأمر الله تعالى بذلح بقرة وضربه ببعضها ليحيا، ويخبر بقاتله، وقيل: كان القاتل أخا القتيل، وقيل: ابن أخيه ولا وارث له غيره فلما طال عليه عمره قتله ليرثه، وقيل: إنه كان تحت رجل يقال له عاميل بنت عم لا مثل لها في بني إسرائيل في الحسن والجمال فقتله ذو قرابة له لينكحها فكان ما كان، وقرأ الجمهور {يأمركم} بضم الراء، وعن أبي عمرو السكون والاختلاس وإبدال الهمزة ألفًا، و{أَن تَذْبَحُواْ} من موضع المفعول الثاني ليأمر، وهو على إسقاط حرف الجر أي بأن تذبحوا. اهـ.